اراء و أفكـار

تفكيك الكيانات الثورية المصرية.. لمصلحة من؟

أحمد حسن الشرقاوي

في مثل هذه الأيام من العام 2011 وأثناء وجود المصريين في الشوارع والميادين للضغط على نظام المخلوع مبارك، كان جنرالات المؤسسة العسكرية، وهم رأس الحربة للثورة المضادة، ووراءهم قوى ومصالح داخلية وخارجية، يفكرون في كيفية تفتيت “وحدة الثوار في الميادين والشوارع”.

نجحت الثورة المضادة في تفتيت وحل «ائتلاف شباب الثورة»، وباتت العناوين السياسية في مصر تنحصر بين طرفين لا ثالث لهما: العسكر والإخوان.

الثوار غير المنظمين أو الذين يفتقرون لإطار سياسي أو حزبي (عنوان) وجدوا أنفسهم وحدهم في ميدان الثورة فرفعوا شعار: «يسقط حكم العسكر»، وقام المجلس العسكري بتدبير أحداث محمد محمود 1 و2 ومجلس الشورى والعباسية وغيرها، وتعمد مجلس عصابة العسكر أن تسيل دماء الثوار الشرفاء ليضرب عصفورين بحجر واحد؛ يردع الثوار من ناحية ويوغر الصدور بين الثوار والإخوان من ناحية أخرى.
وأرادت عصابة القتلة في المجلس العسكري أن يكون انسحابها التكتيكي من المشهد الثوري أو السقوط المؤقت لعنوانهم السياسي خسارة أيضاً لـ «أعدقائهم» أي شركائهم الحاليين وأعدائهم المنتظرين، فخرج شعار الثوار: يسقط كل من خان: عسكر، فلول، إخوان.

واستطاع العسكر بتسليم السلطة وإجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية أن يخصم من «الرصيد الثوري» للإخوان كثيراً، خصوصاً لدى الثوار، السلطة والحكم كان الإغراء.

قلت في حينها: إن الإخوان ابتلعوا هذا «الطعم المسموم» من العسكر وشربوا منه حتى الثمالة!!
بعد فوز الرئيس محمد مرسي كان يمكن للإخوان ترميم العلاقة بينهم وبين بقية قوى الثورة ولو جزئياً، غير أن العسكر كانوا يحكمون قبضتهم على مفاتيح السلطة، ويلعبون في المشهد السياسي من وراء ستار، وتركوا الرئيس وحيداً بلا سلطات ولا برلمان منتخب (على الأقل مجلس الشعب) ولا تتعاون معه مؤسسات الدولة التي تأتمر بأوامر الجنرالات الفاسدين. ووقع الانقلاب العسكري في 3 يوليو 2013، واستطاع العسكر للمرة الثانية أن يجهضوا «العنوان السياسي الثاني» للثورة بعد أن فرغوا من قبل من «العنوان السياسي الأول» وهو «ائتلاف شباب الثورة»!!

تصور الانقلابيون بعد ذلك أنهم أصبحوا «العنوان السياسي» الوحيد في مصر لولا ظهور «التحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب».

وجن جنون الجنرالات عندما رأوا ممثلين عن الاتحادين الأوروبي والإفريقي يتواصلان مع تحالف دعم الشرعية باعتباره العنوان السياسي الثاني في مصر، فقاموا -ضمن أسباب أخرى بالطبع- بارتكاب مجزرة فض الاعتصامين يوم 14 أغسطس من عام 2013.

محاولات سلطة الانقلاب لم تتوقف خلال العامين الماضيين لفرض نفسها كـ «عنوان سياسي وحيد”.. وقد قامت بعملية هدم منظمة وممنهجة ومتعمدة للتحالف الوطني لدعم الشرعية في الداخل عبر اعتقال عناصره القيادية، وممارسة ضغوط رهيبة على الأطراف المكونة له من أحزاب تنتمي جميعها للتيار الإسلامي، بالإضافة إلى بعض الحركات المهنية النوعية مثل «إعلاميون ضد الانقلاب» و «صحافيون ضد الانقلاب» وغيرهم.

وأزعم أن فهمي لأهمية «العنوان السياسي» للثورة في صراعها مع سلطة الانقلاب، هو الذي دفعني مع آخرين لتأسيس المجلس الثوري المصري في التاسع من أغسطس من العام 2014، ليقاوم محاولات تفتيت العنوان الأول للثورة ضد العسكر. واستطاع المجلس خلال فترة وجيزة أن يؤكد وجوده كعنوان سياسي للثورة المصرية في الخارج. وربما كان ذلك أحد أهم الأسباب وراء محاولات لا تتوقف لتفتيته وتفجيره من الداخل.

نقلاً عن “العرب القطرية”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً