اراء و أفكـار

هاجمت داعش باريس فتعاطفنا مع الجزائر

د. ظافر محمد العجمي

لم تحتل الولايات المتحدة الأميركية دولة عربية، لكن يد الصهيونية لم تخلُ من أسلحتها يوما. ورغم ذلك اعتبر أكثر المسلمين أن مجموعة الهجمات التي شهدتها الولايات المتحدة في 11 سبتمبر 2001 إرهابا. وفي مساء 13 نوفمبر 2015 هزت 7 هجمات إرهابية متزامنة ومنسقة باريس، وكان لهول العملية أثر على حشد الدعم من معظم دول العالم للجمهورية الفرنسية.

ورغم استبعادنا للمواقع الجهادية المتطرفة، فإن أصواتا علت عبر وسائل التواصل الاجتماعي تدين فرنسا واصفة إياها بالإرهاب الأول، ممتطين التاريخ للوصول إلى هدفهم في رسم صورة داكنة لفرنسا، وكان إطارها التاريخ الاستعماري لباريس في المغرب العربي، وممارسات الفرقة الأجنبية الإرهابية والمستوطنين من الأقدام السوداء «Pieds-Noirs» واليد الحمراء ومنظمة الجيش السري «OAS» أثناء حرب التحرير الجزائرية؛ حيث قاموا بسلسلة من الجرائم الإرهابية البشعة في حق المدنيين العرب، بل وصل بهم الحقد والعنصرية العمياء إلى حرق مكتبة جامعة الجزائر.

لقد حفلت وسائل التواصل بشعارات «‏فرنسا التي لا تعرفونها» فوُضعت صور لجنود فرنسيين يقتلون ثوارا ويلقونهم في حفرة، لأنهم مسلمون. وجنود فرنسيين يقومون بالتقاط صورة وهم يحملون رؤوس جزائريين. و‏صورة جنود فرنسيين يمثلون بجثث مسلمي الجزائر. وصورة تعود لجنود فرنسيين قاموا بقطع رؤوس المجاهدين في الجزائر. أما أشد ما في الحملة المضادة فصورة لجنديين فرنسيين يمسكان عنوة بيدي امرأة شابة تقف بينهم عارية، ومعها مقولة لجندي فرنسي «أنا أحتقر نفسي عندما كنا بالجزائر، وكنا نخرج نتعقب المجاهدين بالقرى، وعندما تشاهدنا النساء الجزائريات يركضن لدهن أجسادهن بروث الحيوانات كي لا نقترب منهن ونغتصبهن. كان شرفهن عزيزا عليهن وكنت أتألم عندما أراهن بهذا الحال، وكنت أعتبر نفسي حيوانا بلا ضمير».

المقلق في الأمر أنها ردة فعل مغردين غير مؤدلجين، تلقوا تلميحات تحولت لحقائق في أذهانهم رغم أن شذاذ الآفاق من تجمع داعش ليسوا أحفاد مجاهدي الأوراس وشمال إفريقيا. وما قاموا بعملهم الإرهابي ثأرا للاستعمار الفرنسي الذي يريدون تسويق جرائمهم كمبرر له. وقد لا تعي باريس وهي في فورة غضبها أن في أجزاء واسعة من العالم العربي هناك خطابين رسمي وشعبي، وأن إقناع الشباب العربي خاصة أن التاريخ بوصفه مرحلة انتهت ولا يشكل منافسا للحاضر يجب أن تتم من خلال التعامل مع عملية مكافحة الإرهاب بوصفها منتج ويحتاج إلى حملة علاقات عامة تبرز تعامل فرنسا الإيجابي مع المسلمين الآن. فما خرج في تويتر من تبرير وتشفٍّ سيكون أثره أشد على باريس من العمل الإرهابي الأخير نفسه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً