اراء و أفكـار

حفلات الشواء الطائفي البشع في العراق!

داود البصري
مايجري في العراق حاليا من مخازي وجرائم طائفية بشعة تجاوز بكثير كل روايات التاريخ المتوحشة حول الهمجية والتوحش والبشاعة, فالمجتمع العراقي وبعد عقد ونيف على سقوط النظام السابق ودخول القوات الأميركية للعراق, لم يتحول كنموذج جديد لليابان أ وكوريا وحتى فيتنام, بل تحول لمسلخ طائفي كبير بعد أن أضحت العصابات الطائفية المتخلفة بفكرها الهمجي وشعاراتها الطائفية الرثة ومرجعياتها الخارجية هي التي توجه الموقف وتدير الأمور, وهي العاجزة تاريخيا عن إدارة دكان بقالة فكيف يمكنها إدارة دولة؟ قد ارتكبت الإدارة الأميركية, ومعها الغرب بأسره, جريمة كبرى في العراق بترك البلد دون رعاية دولية مباشرة أو تدخل أممي حقيقي بعد انهيار سلطة الاستبداد السابقة وقيام الحالة الفوضوية غير المسبوقة التي استغلتها الأحزاب والجماعات المتوحشة الطائفية لتملأ الفراغ تحت بهرج وزخرف ما يسمى العملية السياسية التي هي مجرد حفلة بشعة لتمزيق العراق وتقطيعه إربا, وجعله مسرحا للقوى الفكرية والطائفية الشاذة وملعبا لكل شذاذ الآفاق والجهلة والمتخلفين, فحين قال وزير الخارجية الأميركي الأسبق جيمس بيكر لوزير الخارجية العراقي الأسبق, أيضا, طارق عزيز عام 1991 أن الولايات المتحدة ستعيد العراق خمسين عاما للوراء لم يكن يمزح أو يهذي, بل كان متواضعا في تهديداته! إذ أن العراق بعد الاحتلال الأميركي قد تمت إعادته لأكثر من 500 عام للخلف, وفي عمق المرحلة المظلمة من تاريخه حتى تحول همج السلطة ليكونوا هم القادة في بلد فقدت مواصفات القيادة فيه كل شعور بالوطنية أوحتى الإنسانية, فثرواته مبددة في معارك داخلية وتحت أنياب ومخالب لصوص السلطة الطائفية الذين نهبوا بجشعهم ولصوصيتهم كل شيء حتى أضطر العراق, وهو أغنى بلدان الأرض قاطبة, للاستعانة بقروض صندوق النقد الدولي الصهيوني ليتحول لدولة مدينة تخضع لشروط الدائن وهي الحالة التي أوصلت حكومات حزب “الدعوة” العميل, بنسختيه المالكية والعبادية, البلاد إليه, فبدلا من قيام البرلمان التعبان أصلا بمحاسبة المجرمين والسراق فإنه تمت ترقيتهم وتحصينهم قانونيا أيضا, أما الهزائم العسكرية وانهيار جيش الدولة وفرض الفوضى الطائفية أضحت من لوازم الأمور والأحوال بعد أن تغولت الميليشيات الوقحة بعناوينها ورؤاها الإيرانية الصفوية, وفكرها البائس وشخوص عناصرها الإرهابية التي رضعت الحقد من الأثداء الإيرانية والجهات المشبوهة والمتأزمة طائفيا وأخلاقيا, اخيرا تداولت المواقع صور قيام الميليشيات الإيرانية بالتلذذ بحرق جثة شاب سني وسط ضحكات الجلادين, وقبلها وبعدها نشرت صورا رهيبة عن حفلات تقطيع الجثث واللعب بالرؤوس البشرية من قبل العناصر الميليشياوية في مناظر تؤكد سقوط الدولة وفرض الوحشية والبربرية على المجتمع العراقي الذي بات البرابرة والقتلة والروح العدوانية هي المتحكمة فيه, وأفلتت من الدولة المدنية كل عناصر القدرة على إدارة دفة الصراع وسط مظاهر واضحة تؤكد عودة العراق لزمن الإنفلات والفوضى المطلقة, لدرجة أن العشائر الجنوبية قد عادت لزمن البربرية الفظة وأضحت تصفي خلافاتها من خلال الحرب والسلاح وقطع الطرق, بل حتى الأحزاب الطائفية عادت لملاذاتها العشائرية لتكون هي القانون كما حصل في النزاع السياسي بين النائب عن “الدعوة” حنان الفتلاوي والنائب عن جماعة الحكيم بليغ أبوكلل, اذ تدخلت عشيرتا الطرفين لحل الخلاف السياسي بتعويضات عشائرية رثة.
العراق في سعير وانهيار حقيقي وسط معارك ميدانية يومية ترسخ الكراهية وتوسع إطار الموت الشامل, وتفرض حدودا دموية بشعة بين مكوناته, وإنه لأمر مأسوي للغاية أن تصل البربرية الرثة الى حد يصبح معه شوي الجثث لأسباب طائفية حقيرة سببا للضحك والتندر.
الشعب العراقي اليوم ليس بحاجة إلى حكام وقادة, بل بحاجة إلى جيوش مجيشة من الأطباء النفسيين والمصلحين الاجتماعيين, فالعراق في الدرك الأسفل من الجحيم الطائفي, والمجتمع تشظى وتمزق بفعل سياسات الأحزاب والجماعات الدينية والطائفية العميلة, كما أن العراق قد تحول لمدرسة شاخصة في التوحش والبربرية وهو ما يهدد فعلا بانفجار إقليمي شامل, فحفل شواء الجثث إعلان صريح بنهاية العراق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً