اراء و أفكـار

مصائب العراق ومحاكمة نوري المالكي

داود البصري*

في تصريح مليء بالجزع والضجر والخيبة أعلن رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي عدم تحمله مسؤولية التبعات الخطيرة التي تسبب بها نوري المالكي للعراق! وذلك بعد سلسلة الانهيارات الأمنية والهزائم العسكرية ومصرع مئات من الجنود العراقيين.

وإنهيار البنية العسكرية للجيش العراقي بشكل مريع أمام عصابات “داعش” وعشائرها!,والغريب أن العبادي وهو يصرح علانية, ويشير بأصابع الاتهام نحو رئيس الوزراء السابق نوري المالكي ومسؤوليته المباشرة عن أحوال الخراب العراقي المقيم تناسى ان ذلك الشخص قد أصبح نائباً أول لرئيس الجمهورية, وقريبا بعد أن يغيب فؤاد معصوم سيكون نوري أفندي المالكي الرئيس التنفيذي لجمهورية ما تبقى من العراق, وعندها لن يستطيع العبادي توجيه رصاص النقد إليه! الجميع يعلم ان الانقلاب البريطاني الذي جاء بالعبادي للوزارة الأولى كان ضد رغبة بلاط الولي الإيراني الفقيه الحاكم, والمهيمن الفعلي على أهل المنطقة البغدادية الخضراء, كما أن الألغام, الطائفية والسياسية والأمنية, التي زرعها المالكي وهو الخبير في العمل السري والتخريبي, وفي التآمر خلف الكواليس والناهل من مدرسة الخبث الإيرانية البرمكية أكثر من كافية للإطاحة بكل جهود ورغبات الإصلاح التي ينوي العبادي تنفيذها, فالملاحظ أن مأساة “سبايكر”, ومصرع مئات الجنود العراقيين على يد عصابة “داعش” وحلفائها من البعثيين والقتلة, قد تكررت في مأساة “الصقلاوية”! رغم دعم الطيران الأميركي والغربي, والدعم الدولي للحكومة العراقية, إلا أن القيادة العسكرية العراقية,وجميع ميليشيات الحشود الطائفية من أهل الجهاد الكفائي لم يستطيعوا فك الحصار عن الجنود في الأنبار ما أدى إلى كارثة عسكرية اعترف بها الجنرال رشيد فليح! وهو من القيادات العسكرية التي عينها القائد العام السابق الفاشل نوري المالكي.
والسؤال: هل يجرؤ حيدر العبادي على الدعوة علنا لمتابعة ومحاكمة المالكي, وتقديمه للعدالة هو وأركان مجموعته الفاسدة المفسدة, وهل يستطيع تنفيذ هذا المطلب الجماهيري الملح الذي من دونه لن تتحسن أحوال العراق, ولن يعود الاستقرار لبلاد الرافدين لاسيما ان اللصوص والقتلة والفاشلين ما زالوا في سدة السلطة ولم تتم محاسبتهم, وهذا يعني الفشل المريع لكل جهود الإصلاح والتغيير ومحاولات الخروج من عنق الزجاجة القاتل؟
الدعم الدولي لن يستطيع تغيير الواقع الميداني أبدا مالم تكن هناك قيادة ميدانية عراقية فاعلة على الأرض تستطيع إدارة دفة المعركة بكل أبعادها, وحشد الدعم الداخلي, وتغيير القيادات العسكرية والإاتعاد عن الفوضى و”الهرجلة” في إدارة العمليات, فالميليشيات الطائفية باتت أقوى من الجيش وأكثر تسليحا, وتضارب المهمات والمسؤوليات قد أفرز فوضى ميدانية قاتلة يذهب ضحيتها الأبرياء, وأعداد المستشارين الهائلة التي تعج بهم الحكومة العراقية قد أضحت عبئا ثقيلا على كاهل الدولة لان جلهم من الفاشلين والمتأزمين أصلا. فمثلا ماذا يفعل ما يسمى مستشار الأمن الوطني؟ وماهي خططه الستراتيجية للتفاعل والتعامل مع الحالة المعقدة؟
العراق بحاجة أولا إلى تقرير وإنتاج قيادة سياسية تمتلك الجرأة والإرادة لتنفيذ ما تريد, وتقديم المسؤولين عن الكوارث للمساءلة القضائية, كما يحتاج إلى حكومة أزمة أمنية مصغرة تقودها كفاءات حقيقية تستطيع إنقاذ ما يمكن إنقاذه, أما دخول الحرب ضد الإرهاب من دون وزراء للداخلية والدفاع! فهو مهزلة حقيقية يشير إلى فشل سياسي وإداري وحكومي مريع ما سيعجل بنهاية العراق كما تنبأت مجلة “تايم” الأميركية قبل اشهر وهو ليس تنبؤا بريئاً, بل استنتاج علمي واضح مستند إلى دراسات ميدانية. من دون محاسبة نوري المالكي وأزلامه والعمل بجدية حقيقية لا فائدة ترجى من أي تحركات, أو زيارات, أو خطابات فارغة. العراق يسير في طريق التلاشي والانهيار, فهل سيكون العبادي آخر رئيس لوزراء مملكة الطوائف العراقية؟ هذا ما ستفرزه وتقرره الأيام المقبلة.

– See more at: http://al-seyassah.com/%d9%85%d8%b5%d8%a7%d8%a6%d8%a8-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d8%b1%d8%a7%d9%82-%d9%88%d9%85%d8%ad%d8%a7%d9%83%d9%85%d8%a9-%d9%86%d9%88%d8%b1%d9%8a-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%a7%d9%84%d9%83%d9%8a/#sthash.yI2JoWRo.dpuf

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً