اراء و أفكـار

العبادي يكتشف حقيقة مؤامرة مبيتة له

اسماعيل الجنابي*

بات واضحا وجلياً لدى الجميع ان العراقيين يعيشون اضغاث احلام تعدت في تأملاتها حكايات الف ليلة وليلة ، الكل ينتظر الى المنقذ الذي يعتلي صهوة جواد ابيض يحمل بيده عصاً سحرية أو مصباح علاء الدين الذي سيغير وجع العراقيين وهمومهم ومعاناتهم من اتراح الى افراح .
جاء العبادي من رحم حزب الدعوة الذي ولد منه سلفه المالكي ليشكل حكومته الجديدة على انقاض تركة ثقيلة لايمكن لاي شخص عاقل ان يضع نفسه فيها ، او حتى ان يفكر في زحزحة جزء من ركامها لشدة اوزارها ، ولعل اكبر تحد امامه هو انه استلم مهمته ونصف مساحة العراق خارجة عن سيطرة حكومته ، اذا ما قلنا ان ولي دم العراقيين ترك له مجالس عزاء لو جمع لها اهل الحل والعقد وعلياء القوم لن يستطيعوا ان يتوزعوا على بيوت ضحاياها ليطفئوا نار جمرها المستعرة في قلوبهم المكلومة بوجع الموت والفقدان، ناهيك عن ملايين البشر المهجرة والنازحة التي افترشت العراء بعد ان ضاقت بهم الملاذات الامنة التي حولتها البراميل المتفجرة التي تلقى من الطائرات الى ركام اختلط فيها الحجر والبشر والشجر على حد سواء .
في اي حقل الغام سائر ايها الحيدر وأي طريق قليل الوعورة ستسلكه لتنأى بنفسك او لتجب الغيبة عنك وسلفك يتربص بك مبتسماً فيما انت صانع ، بعد ان احاط نفسه وحصنها بالميليشيات التي فتح لها اموال قارون كي يكسب ودها وولاءها له ، ولعل طريقة تنحيه عن تشكيل الحكومة للمرة الثالثة بهذه الطريقة القسرية من جنرالات الاحتلال الذين كانوا يعدون له العدة في احدى القواعد العسكرية العربية هو اكبر دليل على علمهم انه سوف لن يستسلم بطريقة سهلة لولا تلويحهم له بالعصا .
نحن نعلم ان العراق افرغ من طبقة البلد الوسطى صاحبة العقول العلمية بجميع كفاءاته ونخبه ولم يبق سوى الطبقة الفقيرة والمعدمة التي تقاد من قبل دخلاء الساسة واصحاب رؤوس الاموال القذرة الملطخة بدماء العراقيين الاطهار ، ونعلم ايضا ان السيد العبادي في داخله يريد ان يغمض عينيه ويفتحها بتأمل ليجد نفسه يقود حكومته الى طريق الرضا وهو يعلم ان مرضاة السياسيين ودهاءهم ومكرهم غاية لاتدرك ، وخير مثال على ما نقول انه طالب الكتل السياسية بترشيح من يشغل الحقائب الوزارية على أساس الخبرة والكفاءة وممن يشهد لهم بالبنان ، لكنه فوجئ بأسماء متهمة بملفات فساد او من النواب الذين اشتروا مناصبهم بمالهم المسحوت والمعفر بحسرات اليتامى والفقراء والمعوزين ليكمل مشواره في وزارة تدر عليه ما لم يحققه له كرسي البرلمان ، ليبقى السيد العبادي حائراً مذهولاً ، ينظر فيمن حوله متسائلاً في نفسه قائلاً :” لله دركم أيها العراقيون ” .

المصدر: كتابات

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً