اراء و أفكـار

مواجهة عربية لمغامرات إيران

تعقد الأمانة العامة لجامعة الدول العربية الأحد المقبل، اجتماعاً طارئاً على مستوى وزراء الخارجية، بناء على طلب من المملكة العربية السعودية، لبحث انتهاكات إيران، وتدخلاتها في الدول العربية، خاصة في لبنان وسوريا والعراق والبحرين واليمن، وهي تدخلات تعكس سياسة ممنهجة لإيران منذ سنوات طويلة، حيث دأبت طهران على اتباعها بهدف إحداث قلاقل في المنطقة العربية يسهل معها تنفيذ مخططاتها، وتحويلها إلى بؤر ملتهبة بالصراعات والأزمات باستمرار.
لا يجد المراقب صعوبة في تتبع الدور التخريبي لإيران منذ عقود، ودلت الأحداث التي شهدتها، وتشهدها المنطقة العربية، أن طهران لا تزال تراهن على تفكيك النسيج العربي عبر دعمها للميليشيات المسلحة التي تنفذ مخططاتها التفتيتية، حيث تبرهن هذه الميليشيات بشكل يومي أنها أداة طيعة في يد إيران، وتنفذ توجهاتها في إشغال المنطقة بحروب هنا وهناك، كما يحدث اليوم في سوريا والعراق والبحرين ولبنان واليمن. ففيما تتدخل طهران بشكل مباشر في الحروب الدائرة في كل من سوريا والعراق، وتمويل مخططات الفتنة في البحرين، ودعم «حزب الله» للهيمنة وفرض أجندته على الساحة اللبنانية، فإن دورها التخريبي في اليمن يبدو ظاهراً للعيان، وقد ترجمته الاستهدافات الأخيرة التي أقدمت عليها جماعة الحوثي الإرهابية للعاصمة السعودية الرياض عبر إطلاق صاروخ باليستي الأسبوع قبل الماضي، حيث أكدت كل الدلائل والشواهد أنه إيراني الصنع، وأن طهران هي من زودت، وتزود الجماعة الإرهابية بعشرات الصواريخ بهدف مهاجمة السعودية، ودول المنطقة.
من هنا، فإن الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب في مقر الجامعة بالقاهرة، يكتسب أهمية بالغة واستثنائية، حيث سيقف أمام التدخلات الإيرانية في الشؤون العربية، ويرسم استراتيجية جديدة لمواجهة هذه التدخلات التي زادت طهران من نسقها، خاصة في السنوات القليلة الماضية، مستغلة الصراعات والحروب الداخلية في بعض الدول، في إطار ما يعرف بـ«الربيع العربي» الذي حول البلدان التي شهدتها إلى ساحات من الفوضى والخراب.
سيكون أمام الاجتماع مهمة تشخيص الوضع الذي تعيشه البلدان العربية، والحلول التي يجب اتباعها لمواجهة التدخلات الإيرانية في المنطقة، وخطر ذلك على الأمن القومي العربي، خاصة في ظل التحولات المهمة التي تعيشها بعض الدول منذ ما بعد 2011، حيث لم تستفد من الفوضى التي سادت المنطقة إلا «إسرائيل»، وإيران.
تبدو إيران في مهمة إرباك المشهد في المنطقة العربية بأكملها، وفق مخططات تهدف لإشغالها بحروب مستمرة، عبر دعم أذرعها وميليشياتها في لبنان واليمن، حيث تحاول استنساخ «حزب الله» آخر في اليمن عبر مده بالأسلحة وخبراء عسكريين، فضلاً عن ماكينة إعلامية، توفرها للمتمردين الحوثيين في الضاحية الجنوبية ببيروت. ومن دون موقف موحد وصارم تجاه التدخلات الإيرانية في شؤون المنطقة، ستكون البلاد العربية أمام موجة جديدة من مخططات طهران، أملاً بإيجاد موطئ قدم لنفوذها في كل مكان، لهذا يستشعر القادة العرب خطورة هذه التدخلات، وتأثيراتها السلبية في استقرار دولهم، وسيكونون أمام مهمة وضع استراتيجية شاملة تضع حداً للمغامرات الإيرانية في المنطقة.

“الخليج”

مقالات ذات صلة