اراء و أفكـار

الجار قبل الدار

تربطنا بالشعب الإيراني الكثير من الجوامع المشتركة التي تفترض أفضل العلاقات على المستويات كافة، فهو الجار في الجغرافيا، حيث يجمعنا بحر واحد نتقاسم شاطئيه، وقد كان رئة التواصل التجاري والثقافي والإنساني عبر العصور، كما يجمعنا دين واحد تعمقت جذوره وترسخت منذ بدايات الدعوة الإسلامية، وقد كان الصحابي الجليل سلمان الفارسي القاسم المشترك بين العرب والعجم في الإسلام، وتكرس بقول الرسول الكريم «لا فرق بين عربي ولا أعجمي ولا أبيض ولا أسود إلا بالتقوى».
انطلاقاً من هذا كله، كان من المفترض أن تجمعنا بالإيرانيين علاقات خاصة، ومميزة، لطالما كنا نسعى إليها، ونصبو لتحقيقها، لأنها تمثل، لو تحققت، نموذجاً في التعايش الذي يرسخ قواعد الأمن والسلام لكل شعوب المنطقة، ويبعد عنها كل الشرور والمخططات الخبيثة.
سعينا، ونسعى لحسن جوار، وترسيخ العلاقات، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، واحترام مبدأ التعايش، وعدم اللجوء إلى القوة، وتكريس سيادة الدول واستقلالها، وسعينا بكل ما نملك لحل الخلافات الثنائية بالوسائل السلمية، خصوصاً ما يتعلق باحتلال جزرنا الثلاث: (أبو موسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى)، ولم نترك باباً إلا طرقناه، بحثاً عن حل يعيد الحق إلى أصحابه، من خلال الحوار، أو اللجوء إلى محكمة العدلة الدولية. لكننا لم نواجَه من الأنظمة الإيرانية المتتالية، وصولاً إلى النظام الحالي، إلا بالصد، والتعنت، ومنطق الغطرسة والاستقواء والاستعلاء، وبالمواقف العدائية السافرة المجافية لأبسط قواعد الجوار، والقانون الدولي، وحتى العلاقات الإنسانية الطبيعية.
وعندما عرض سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي، موقف دولة الإمارات من التطورات الإقليمية والدولية في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خصوصاً المواقف العدائية التي دأبت عليها إيران، إنما كان يعرض حقائق ماثلة أمام أعين العالم عن الدور التخريبي الذي تمارسه إيران في المنطقة، من تدخل في شؤون الدول المجاورة، وخطاب طائفي يغذي الفتن ونوازع الشقاق والتخريب، وأخطرها الممارسات العدائية في جزرنا الثلاث المحتلة، «حيث عمدت إلى رفع علمها على جزء من جزيرة أبو موسى في انتهاك صارخ لمذكرة التفاهم المتفق عليها منذ العام 1971 بشأن الجزيرة». كذلك دعا المجتمع الدولي إلى القيام بمسؤولياته في «حث إيران على التجاوب مع الدعوات السلمية الصادقة المتكررة لتحقيق تسوية عادلة لهذه القضية، إما عبر المفاوضات المباشرة الجادة بين البلدين، وإما اللجوء إلى محكمة العدل الدولية للفصل في القضية وفق مبادئ ميثاق الأمم المتحدة، وأحكام القانون الدولي».
لم تعدم دولة الإمارات وسيلة مع إيران للتوصل إلى حلول لكل القضايا العالقة على قاعدة حسن الجوار، ومن خلال الحوار، إلا أن كل الجهود ووجهت بالصد والرفض، وبمنطق عرض العضلات، واستعراضات القوة.
يقول المثل العربي «الجار قبل الدار»، وقد نقل عن الرسول الكريم، صلى الله عليه وسلم، قوله «خير الأصحاب عند الله خيرهم لصاحبه، وخير الجيران عند الله خيرهم لجاره».. فماذا نفعل تجاه جار يتنكر لجاره، ويعتدي على حقوقه ويتدخل في شؤونه؟

نقلا عن الخليج

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً