اراء و أفكـار

حكومة الشاهد ومستقبل تونس

بعد أشهر من النقاشات بين القوى السياسية المختلفة في تونس، أعلن يوسف الشاهد أول من أمس، تشكيلة حكومة الوحدة الوطنية، التي كلف بها من قبل الرئيس الباجي قايد السبسي قبل نحو ثلاثة أسابيع، وضمت 40 وزيراً، بينهم 8 نساء، ويتوقع أن يتم تقديم برنامجها إلى مجلس نواب الشعب للحصول على ثقته.
خلف الشاهد رئيس الحكومة السابق الحبيب الصيد، القيادي في حزب «نداء تونس»، والذي واجهت حكومته الكثير من التحديات الاقتصادية والأمنية والسياسية، وكانت سبباً في فقدان الدعم من قبل مجلس النواب، حيث شهدت المرحلة التي قضاها الصيد على رأس الحكومة لمدة تصل إلى نحو عام ونصف العام، الكثير من الأعمال الإرهابية التي أثرت على فرصه في تطبيق البرنامج الطموح الذي نال بموجبه ثقة نواب الشعب.
كان المؤمل أن تشكل حكومة الحبيب الصيد فرصة ذهبية لتونس للخروج من عنق الزجاجة التي وجدت نفسها فيها، بعد مرحلة انتقالية كانت خلالها «حركة النهضة» فاعلاً رئيسياً في المشهد، قبل أن تجرى انتخابات رئاسية ومحلية شهدت خلالها تونس ولادة حزب جديد عرف ب«نداء تونس»، الذي كان على رأسه الباجي قايد السبسي، إلا أن الحزب وجد نفسه يغوص في أزمات سياسية أدت إلى انقسامه، ما أثر على فرصه في البقاء كأكبر كتلة في مجلس نواب الشعب، وعادت «النهضة» لتقف على قدم المساواة معه، ما أضعف الحزب، وبالتالي انفراط عقد الحكومة.
وفي حين وضع الحبيب الصيد في برنامج حكومته السابقة الكثير من الآمال، جاءت حكومة يوسف الشاهد لتتعاطى مع الأمور بواقعية أكثر، حيث صرح الشاهد أن حكومته ستتعاطى مع خمس أولويات أساسية هي: كسب المعركة ضد الإرهاب، إعلان الحرب على الفساد والفاسدين، الرفع في نسق النمو لخلق الشغل، التحكم في التوازنات المالية (العامة للدولة)، وأخيراً مسألة النظافة والبيئة.
يراهن الشاهد في فريقه الحكومي على حقيقة تطلع أبناء تونس إلى تجاوز الإخفاقات التي رافقت أعمال حكومة الحبيب الصيد خلال مدتها، وهو بذلك يضع الأمور في نصابها حتى تكون الحكومة الحالية قادرة على تنفيذ البرنامج الذي قدمته للمواطن التونسي، الذي يتمنى أن يجد حكومة قادرة على معالجة الظواهر السلبية التي برزت خلال ما بعد المرحلة الانتقالية التي عاشتها البلاد على إثر الاحتجاجات التي سادت تونس أواخر عام 2010 وانسحاب الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي من المسرح السياسي.
مستقبل تونس هو العنوان الذي يجب أن تحرص على بنائه حكومة يوسف الشاهد بتطبيق برنامج واقعي يعالج الأخطاء التي وقعت فيها الحكومة السابقة، وهذا الأمر لن يتحقق إلا إذا عملت الحكومة كفريق واحد وجسدت رغبة الشعب التونسي في تخطي العقبات التي وقفت أمام حكومة الصيد، ليس فقط إعادة تطبيع الحياة في تونس، بل في منح الشعب أملاً في وقف الخوف من المستقبل الذي صارت تتجاذبه عوامل عدة أهمها الإرهاب الذي اكتوت به البلاد وأثر في اقتصادها واستقرارها الاجتماعي الذي تميزت به لعقود طويلة.

نقلا عن ” الخليج “

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً