اراء و أفكـار

أمريكا و«إسرائيل» والاستراتيجية الثابتة

مؤتمر هيرتسيليا الذي عقد يوم الأربعاء الفائت في «تل أبيب»، هو المؤتمر الأمني – العسكري الذي يرسم ملامح استراتيجية «إسرائيل» إزاء دول المنطقة ، وفقاً لدراسات وعمليات تقييم يقوم بها كبار الخبراء السياسيين والعسكريين وتشارك فيه شخصيات من دول أخرى. وقد شارك في المؤتمر هذا العام قيادي في «الجيش السوري الحر» يدعى عصام زيتون، وأفردت له شاشات الأقنية «الإسرائيلية» مساحات للحديث عن «ثورته»، وعن «ضرورة مشاركة المعارضة في كل المحافل الدولية» بما فيه محفل هيرتسيليا.
بعيداً عن مشاركة «الجيش الحر» و«زيتون» في المؤتمر، لأن علاقات بعض أطراف المعارضة المسلّحة مع الكيان الصهيوني لم تعد سراً.. فإن ما كشف عنه نائب وزير الخارجية الأمريكية أنتوني بلينكن الذي شارك في المؤتمر يقدم صورة أخرى أهم وأخطر من مشاركة هذا أو ذاك من متسولي الدعم «الإسرائيلي» ضد «وطنهم» و«شعبهم».
بلينكن كشف عن «الصندوق الأسود» في العلاقات بين الإدارة الأمريكية الحالية والكيان الصهيوني، بحيث يبدو كل كلام عن خلاف أمريكي – «إسرائيلي»، أو سوء تفاهم بين بنيامين نتنياهو وباراك أوباما تافهاً ومجرد رغبات يتم التعبير عنها، لعلها تصيب أو تجد لها محلاً من الحقيقة.
يقول بلينكن، إن ما تحصل عليه «إسرائيل» يصل إلى ثمانية ملايين ونصف المليون دولار يومياً من الولايات المتحدة، وهذا المبلغ يقدمه دافع الضرائب الأمريكي من دون أن يعلم، ويقتطع من حقه في الصحة والتعليم والبنية التحتية المتهالكة، والحد من الفقر والتخفيف من أعباء ملايين العائلات التي تعيش دون حد الفقر.. من أجل أن يتم توفير كل مقومات العدوان والتوسع والإرهاب والعنصرية للكيان الصهيوني.
ليس هذا وحسب، يقول بلينكن «إن الولايات المتحدة تدرج تمويل برامج الدفاع الصاروخي «الإسرائيلي» لضمها إلى اتفاق عسكري جديد غير مسبوق بين البلدين»، إضافة إلى استعداد الولايات المتحدة لتوقيع مذكرة تفاهم جديدة لمدة عشر سنوات «هي التعهد الأكبر بالدعم العسكري من قبل واشنطن لأي بلد في تاريخها، وذلك لتثبيت شراكة أمنية لا سابق لها حتى العام 2029».
يدل هذا على تحالف استراتيجي لم يسبق له مثيل بين «دولتين»، وبما يتجاوز كل التحالفات الاستراتيجية بين الولايات المتحدة وأي دولة أخرى، تأكيداً على خاصية العلاقة ومتانتها وثباتها بين واشنطن وهذا الكيان الذي يتخذ من هذه العلاقة «المميزة جداً» مظلة في مجرى انتهاكه للشرعية الدولية وقراراتها وميثاق الأمم المتحدة وحقوق الإنسان وجرائم الحرب التي يرتكبها.
العلاقة بين الولايات المتحدة والكيان لا تدخل في صلب التحول الاستراتيجي الأمريكي باتجاه جنوب شرق آسيا لمواجهة التنين الصيني.. هذا التحوّل لا يشمل «إسرائيل» لأن كل الاستراتيجيات والعلاقات تتبدل وتتغير وفقاً للمصالح إلا العلاقة الأمريكية – «الإسرائيلية».

نقلا عن “الخليج”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً