اراء و أفكـار

«إسرائيل» والحلول المرفوضة

المبادرة الفرنسية لتسوية القضية الفلسطينية ومرتكزها مؤتمر دولي تمهيدي في باريس مطلع الشهر المقبل، والحراك السياسي الفرنسي المترافق معها والمتمثل بزيارات لرئيس الوزراء ووزير خارجيته إلى تل أبيب ورام الله، وبعض المواقف العربية الرسمية التي تتحدث عن أهمية السلام بالنسبة للمنطقة، وضرورة تجاوب «إسرائيل» مع الجهود المبذولة لتحقيق ذلك، وعلى قاعدة قبولها بمبادرة السلام العربية.. كلها تشكل على ما يبدو الوجه المعلن مما يجري وراء الكواليس من اتصالات في اتجاهات مختلفة وفي أكثر من عاصمة عربية وغربية وعلى مستويات رفيعة وعبر مسؤولين رسميين، في محاولة للبحث عن مدخل للتسوية والخروج من حالة انسداد أفق الحل، بعد توقف المفاوضات عام 2014 التي كانت تتم برعاية أمريكية.
كل التحركات تحاول إقناع «إسرائيل» بالتخلي عن موقفها الرافض للحل، ومعرفة ماذا تريد بالضبط للتوصل إلى حل؟.
حتى الآن لا جديد على هذا الصعيد، فقد كان الموقف «الإسرائيلي» ولا يزال هو التمسك بالمفاوضات المباشرة مع الجانب الفلسطيني ومن دون شروط مسبقة، أي أن تكون المفاوضات من دون مرجعية، ومن دون تحديد إطار زمني لها، ومن دون وقف لعمليات الاستيطان أو تجميدها.. أي العودة من جديد إلى مفاوضات مفتوحة المدى، كما كان حال المفاوضات التي توقفت قبل عامين وبعد أكثر من عشرين عاماً من المفاوضات العبثية.
هذا الموقف أبلغه رئيس وزراء الكيان بنيامين نتنياهو، إلى رئيس الوزراء الفرنسي قبل أيام، وإلى عدد من العواصم المهتمة بالقضية.
من الواضح أن «إسرائيل» ليست مهتمة بالتوصل إلى تسوية، وليست في وارد أخذ الجهود الدولية والإقليمية بجدية، وهي ترى أن لا شيء يلزمها بحل، ما دامت هي قادرة على تحقيق ما تريد، وما دامت مسألة حل الدولتين مجرد «بضاعة» يمكن الحديث عنها أو الترويج لها من دون مقابل.
هناك من هو مقتنع بأن «إسرائيل» لا تريد حلاً
ولكنه يطرح حلولاً ومبادرات يعرف أنها «شيك بلا رصيد» بالنسبة ل«إسرائيل»، لكنه يوحي بأنه يحاول، فيما هو يمارس ضغوطاً على الفلسطينيين لتقديم تنازلات قد تقنع «إسرائيل» بالتراجع عن معارضتها، من أجل مراكمة أرباحها مجاناً.
وهناك من يعتقد بأن «إسرائيل» تريد السلام، لكنها تريد ثمناً أكبر مما هو معروض عربياً لكي تقتنع بجدية العرب والفلسطينيين، وهو ثمن يتعلق ب«أمنها» وما يقتضيه من تنازلات تتعلق بالأرض والمستوطنات والمياه واللاجئين، إضافة إلى شروط عسكرية وسياسية لها صلة بالتطبيع وعلاقات حسن الجوار.. وهذا ما يتم تداوله في إطار اتصالات تجري هنا وهناك.
اللافت أنه وسط هذا الحراك الدبلوماسي ترتفع أصوات تدعو إلى ضرورة التوصل إلى تسوية مع «إسرائيل» من أجل الانصراف لمواجهة خطر الإرهاب الذي يهدد المنطقة، ولا يمانع أن تكون «إسرائيل» جزءاً من المواجهة، باعتبار أن «إسرائيل» ليست كياناً إرهابياً قام بالإرهاب ولا يستمر إلا بالإرهاب.
لكن «إسرائيل» رغم كل ذلك لا تريد حلاً، ولا تصدق أن ما يقال أو يعرض عليها يوفر لها ضمانة في الحاضر أو المستقبل؛ لأنها تعتقد أن الزمن يعمل لمصلحتها ما دامت تمتلك القوة المطلقة والدعم الغربي الذي لا ينضب، وما يجري على الأرض العربية من تدمير وتفتيت يصبّ في مجرى مشروعها.

نقلا عن الخليج

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً