اراء و أفكـار

«الإسلاموفوبيا» في الولايات المتحدة

تفتح قضية طرد أستاذة العلوم السياسية لاريشا هوكنز من كلية ويتون الإنجيلية قرب مدينة شيكاغو الأمريكية لأنها كتبت في صفحتها على «الفيس بوك» أنها ستضع الحجاب خلال الشهر الذي يسبق عيد الميلاد تضامناً مع المسلمين، «لأننا نعبد الإله ذاته»، الباب واسعاً أمام قضية تستفحل ويتسع مداها على الساحة الغربية والأمريكية خصوصاً، والمتعلّقة بتعاظم موجة الكراهية ضد المسلمين والدين الإسلامي، والتي لا ينجو منها بعض الكتّاب والأكاديميين المنصفين الذين يلاحظون تعاظم مستوى جنون «الإسلاموفوبيا» في بلادهم ويعلنون رفضهم له، لأنه يعمّق الصراع بين الأديان، ويقضي على روح التسامح والحوار بين معتنقيها.
عندما يتم رفض عبارة «كلنا نعبد نفس الإله» التي كتبتها الأستاذة هوكنز في العاشر من ديسمبر/كانون الأول الماضي أي قبيل عيد الميلاد الذي أرادت أن تحتفل به على طريقتها وفي لفتة تنم عن تسامح وإيمان وفهم عميق لروح الأديان، وتتعرض للطرد، فهذا يدل على أن منسوب الكراهية يرتفع إلى درجة تثير الكثير من الهواجس والمخاوف حول العلاقات بين الأمريكيين أنفسهم ، وما يمكن أن يتعرّض له المسلمون والعرب هناك من مضايقات ومخاطر واستفزازات بما يقوّض المجتمع الأمريكي ، ويقضي على ما يسمى القيم الأمريكية وحرية المعتقد والفكر ، وهما من صلب الديمقراطية.
«الإسلاموفوبيا» في الولايات المتحدة تحوّل إلى ظاهرة يمارسها رجال فكر وساسة ومؤسسات ووسائل إعلام وجامعات ومدارس، وصولاً إلى مرشحين للرئاسة يتعمّدون التحريض ضد المسلمين ، ويستغلون أية حادثة في الولايات المتحدة وخارجها لإلصاقها بالمسلمين، ولا يتورعون عن وصم المسلمين بالإرهاب جراء ممارسات تنظيمات إرهابية تدّعي الإسلام، والإسلام منها براء، حتى إن المرشح الرئاسي عن الحزب الجمهوري دونالد ترامب جاهر بالقول إنه سيمنع المسلمين من دخول الولايات المتحدة إذا ما انتخب رئيساً.
هناك مؤسسات ومجموعات تعمل منذ سنوات على تغذية الكراهية ضد المسلمين في إطار حملات منظّمة تحمل بصمات عنصرية للتأثير في الرأي العام ، وهذه المؤسسات وبعضها صهيونية الهوى ، لها أهدافها وميزانياتها والأشخاص الذين يديرونها، وتحرّض مباشرة ضد المسلمين ، وتشمل الادعاء بأن الإسلام دين متطرف، وتثير المخاوف من مؤامرة تزعم بأن المسلمين في أمريكا هم أعضاء في جماعات تسعى إلى تقويض الديمقراطية الأمريكية، وأنهم يشكلون طابوراً خامساً لإخضاع أمريكا للشريعة الإسلامية ، الأمر الذي استدعى العديد من المشرّعين إلى تبني مشاريع عنصرية تستهدف المسلمين، كما تبنت عدة ولايات تشريعات معادية للمسلمين ، مثل تحريم المحاكم الأمريكية الاعتماد على الشريعة الإسلامية.. كما أدى التحريض إلى القيام بأعمال عدائية كثيرة استهدفت أشخاصاً ومساجد، ومنع تدريس بعض المواد التي تتضمن تعاليم إسلامية.. إلى درجة إقفال مدرسة بولاية فرجينيا لعدة أيام وطرد معلمة طلبت من تلامذتها كتابة عبارة «لا اله إلا الله» ، في إطار برنامج لإطلاع الطلاب على اللغات الأخرى وكيفية كتابتها. كما أقدمت جامعة ألينوي في وقت سابق على طرد البروفيسور الأمريكي من أصل فلسطيني ستيفن سلايطة ، لأنه كتب عبارة مؤيدة لفلسطين على موقع للتواصل الاجتماعي.
منسوب «الإسلاموفوبيا» يتزايد في الولايات المتحدة، من دون أي جهد رسمي أمريكي للحد من خطره.. حيث يبدو أن الولايات المتحدة دخلت عصر الجنون والارتياب من الإسلام والمسلمين.

نقلا عن “الخليج”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً