اراء و أفكـار

مأساة اللاجئين وتجارة الموت

صحيفة الخليج الاماراتية

يهرب آلاف اللاجئين يومياً فراراً من الموت والفقر والجوع في بلدانهم بحثاً عن أمل في حياة جديدة في بلدان أخرى، فيقعون في أشداق الموت غرقاً في لجج البحار، أو على سفن متهالكة، أو يموتون اختناقاً في شاحنات مغلقة كما حدث قبل أيام على الحدود النمساوية مع المجر، حيث تم العثور على جثث أكثر من سبعين مهاجراً ماتوا اختناقاً. وفي اليوم نفسه تحدثت أنباء عن غرق قارب قبالة السواحل الليبية يحمل مئات المهاجرين.
ولا يكاد يمر يوم إلا ونسمع عن فاجعة إنسانية ضحاياها عشرات، أو مئات من اللاجئين الذين تحولوا إلى مأساة العصر نتيجة حروب بالوكالة على أراضيهم، تحقيقاً لمصلحة قوى إقليمية ودولية لا تقيم وزناً لحياة البشر وحقهم في الحياة، ثم نتيجة انعدام الحس الإنساني لدى دول تفرض قيوداً مشددة على استقبال اللاجئين، بل إن بعضها يتصرف بعنصرية فجّة ومفضوحة ضدهم، وأيضاً جراء وقوع اللاجئين بين أيدي عصابات تمارس التجارة بالبشر تتولى قذفهم إلى المجهول براً أو بحراً من دون اكتراث بمصيرهم.
لم يبذل حتى الآن الجهد الدولي الكافي لمواجهة كارثة اللاجئين التي باتت تؤرق الضمير الإنساني، وتحولت إلى عبء يثقل كاهل العالم وقنابل متفجرة تهدّد أمن العالم.
وإذا كانت أوروبا هي المقصد الأساسي للاجئين جراء قربها براً وبحراً من أماكن كوارث الحروب، فإن الدول الأوروبية تبدو عاجزة عن القيام بدورها الإنساني المفترض في معالجة الأزمة جراء تهرّب بعض الدول من تحمل التزاماتها، وعدم وجود رؤية موحدة حول المشاركة الجماعية في توزيع الأعباء، عدا النظرة العنصرية تجاه اللاجئين التي تتبدّى في مواقف علنية ضد استقبالهم، وأحياناً الدعوة إلى طردهم، فضلاً عن إجراءات متشددة ضد وجودهم.
إن القمة التي عقدت في فيينا قبل يومين والتي ناقشت تفاقم أزمة اللاجئين حاولت تلمّس الأزمة من زاوية التحديات والمخاطر التي تواجه دول غرب البلقان، لكنها لم تناقش الأزمة من جذورها، لذا كانت النتائج متواضعة كما الاجتماعات الأوروبية السابقة التي عقدت على مستويات مختلفة نتيجة اختلاف الرؤى والمقاربات وانعدام الجدية في المعالجة الجذرية.
وما ينطبق على أوروبا ينطبق على مجمل الأسرة الدولية والمنظمات الدولية المعنية بالقضايا الإنسانية، حيث يتجلى التقصير الفاضح الذي تبديه الدول الكبرى والدول الغنية تجاه اللاجئين داخل دولهم وخارجها، رغم أنها مسؤولة بشكل مباشر عمّا يحل بمعظم هذه الدول من تدمير وتخريب وفظائع جراء سياساتها المشبوهة في تغذية الصراعات الأهلية ودعم الجماعات الإرهابية، بما يؤدي إلى هذا الفرار الكبير للملايين بحثاً عن النجاة.
إن المجتمع الدولي المتعامي عن هذه الكارثة الإنسانية المتمثلة باللاجئين مثله مثل عصابات ومافيات الاتجار بالبشر.
فما الفرق بين من يقود اللاجئين إلى حتفهم براً أو بحراً طالما هو يقبض الثمن، وبين من لا يمد يد المساعدة إليهم وينقذهم من مصير مجهول؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً