اراء و أفكـار

روسيا وحل الأزمة السورية

تبدي روسيا اهتماماً متزايداً بأزمات المنطقة، إن كان بالنسبة للأزمة السورية أو محاربة الإرهاب أو تسوية العلاقات الإقليمية، والسعي لحل الخلافات الثنائية التي يمكن أن تسهِّل الأمور للتوصل إلى اتفاقات ممكنة تؤدي إلى الخروج من نفق الصراعات الدموية القائمة.
يبدو أن هناك اتفاقاً على قيام روسيا بدور الإطفائي من خلال علاقاتها المقبولة من مختلف الأطراف، ودورها المؤثر في أطراف أخرى، ويبدو أيضاً أن هذا الدور يلقى قبولاً من جانب الولايات المتحدة والدول الغربية ولا تعترض عليه طالما هو يصب في منحى وضع حد للإرهاب من خلال إقناع الجميع بالانخراط في مواجهته، وتقليص الشروط والشروط المضادة التي تحول حتى الآن دون تسوية سياسية للأزمة السورية التي لا بد أن تكون مدخلاً للمعركة الحاسمة ضد الإرهاب الذي يشكل خطراً على الجميع.
إن الحراك الروسي باتجاه مختلف مكونات المعارضة السورية في الداخل والخارج ومع الحكومة السورية ، من أجل حملهم على وضع تصور موحد لحل الأزمة السورية، وكذلك تكثيف الاتصالات مع قوى إقليمية مؤثرة ، يمكن أن يلعبا دوراً إيجابياً في مسار الأزمة السورية وأطرافها المسلحة وغير المسلحة. كل ذلك يصب في مجرى واحد هو تهيئة الأرضية لإطلاق عملية سياسية جدية تضع حداً للمأزق وإعادة إطلاق اجتماعات جنيف وفق رؤى جديدة تبلور «بيان جنيف1» أو تنتج مواقف أخرى متفقاً عليها.
إن اللقاءات الأخيرة التي تمت في موسكو خلال اليومين الماضيين على هامش معرض للطيران تصب في منحى البحث عن قواسم مشتركة تؤدي إلى مساعدة الجهد الروسي وتوفير إمكانية نجاحه.
لعل مصر تحديداً هي الأقدر على لعب دور إيجابي وفاعل لأنها ظلت طوال الأزمة السورية تلتزم الحياد بين كافة أطرافها ولم تنخرط في تحالفات أو تؤيد طرفاً ضد آخر لقناعتها بأن هذه الأزمة لابد من حلها سياسياً، وأن استمرار العنف والتدمير والاقتتال، ودخول الإرهاب بشتى أشكاله على خط الأزمة يعرضان وحدة سوريا للخطر ويفتحان أبوابها لشتى التدخلات الإقليمية والدولية التي تطمح في موقع قدم أو تحقيق أطماع ما كان بالإمكان تحقيقها قبل ذلك.
أجل تستطيع مصر أن تلعب دوراً مهماً في إنقاذ سوريا، وهي بدأت فعلاً منذ مدة من خلال جمع أطياف المعارضة على أراضيها، كما أن هناك اتصالات بشكل من الأشكال مع دمشق في هذا الصدد، وبما يتلاقى مع المساعي الروسية أو يكملها.
كما أن مرحلة ما بعد الاتفاق النووي مع إيران قد توفر دفعاً لكل هذه الجهود التي يمكن بلورتها في صيغة اتفاق للحل قد يرى النور خلال الأشهر القليلة المقبلة، ثم يبدأ العمل على صياغة بنوده مع كل الأطراف.
قد يكون حظ روسيا في النجاح أفضل من حظوظ الآخرين لأن خطوطها مفتوحة مع الجميع، ولا تتخذ موقفاً حاسماً وقاطعاً من أي طرف، وسياستها قائمة على الجدية والبراغماتية والعقلانية القابلة للأخذ والرد من أجل التوصل إلى اتفاق.
ثم إن لروسيا مصلحة أساسية في التوصل إلى حل للأزمة السورية، ووضع حد للإرهاب نظراً للمخاطر المتأتية من تمدده باتجاه آسيا الوسطى.. أي على تخوم روسيا.

المصدر: صحيفة الخليج الاماراتية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً