اراء و أفكـار

تجنيس الإرهابيين في إيران دعم للإرهاب الدولي

داود البصري

في خطوة ليست غريبة عن نظام له تاريخ حافل و موثق في دعم الإرهاب الدولي, بل أنه أحد الأنظمة التي سيخلدها التاريخ في ريادته باستعمال الأسلوب الإرهابي الانتحاري الذي استعاره منه “القاعدة” واخواته فيما بعد.

فتاريخ الإرهاب في المنطقة منذ عصر الحشاشين في العصور الوسطى الذي كانت قاعدته الرئيسية في إيران ذاتها لم يعرف أسلوب التفخيخ البشري إلا مع عمليات الإرهاب الأسود الذي رعته ومولته وآوته إيران في مطلع ثمانينات القرن الماضي, وكانت بواكيره الأولى قد تم تجريبها في لبنان والعراق ودولة الكويت, وهذه من حقائق التاريخ الإرهابي الإقليمي والدولي.

مجلس الشورى الإيراني يدرس حاليا مشروع قانون يقضي بتجنيس كل الأجانب الذين قدموا خدمات جليلة للدولة الإيرانية بعيدا عن شروط الدم والإقامة والأصل? والخدمات الجليلة المقصودة والتي خدمت الثورة الإيرانية هي في العرف والتقويم الإيراني تلك الأعمال الإرهابية التي هزت المنطقة واستباحت دماء أبنائها وأثارت الفوضى والدمار وأسست لأحوال استنزاف اقتصادي وتوتر أمني , وطبعا النظام الإيراني رغم إستعانته بآلاف من المتعاونين والإرهابيين من دول المنطقة وخصوصا العراق ولبنان إلا أنه كان بخيلا وشحيحا جدا في توفير مستلزمات التجنيس والإدماج في المجتمع الإيراني وكان يتصرف بعنصرية واضحة المعالم, فجماعة إيران من العراقيين الذين قاتلوا مع جيوش النظام الإيراني وحاربوا بلادهم تركوا في نهاية المطاف على قارعة الطريق وأتجهوا شرقا وغربا بحثا عن اللجوء وفقد الآلاف منهم حياتهم في البحار الآسيوية أملا في الوصول للقارة الإسترالية, فيما نجحت ألوف أخرى في الوصول لعواصم الغرب وطلب اللجوء هناك, ومنهم مثلا جميع حكام العراق اليوم بدءا من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة والوزراء وغالبية مسؤولي الدولة العراقية الحالية.

اليوم وبعد أن تحققت الأهداف الإيرانية وتمكن عملاء إيران الإقليميين من السيطرة, وقدرة النظام الإيراني على تكوين الجيوش والميليشيات في العراق ولبنان والشام واليمن وتحول الجهد العسكري الإيراني من الدفاع المتحرك للهجوم الشامل على أنظمة المنطقة, فإن النظام الإيراني أبدل منظومته القانونية وتخلى عن التشدد في قوانين التجنيس والإقامة , وأتخذ أسلوب إحتواء وتجنيس الجماعات الإرهابية العاملة لصالح مشروعه التخريبي, وهو تغيير إنعكس على الأداء الهجومي لتلكم الجماعات, فجماعة الحشد الشعبي مثلا التي يقودها العراقي المتجنس بالجنسية الإيرانية والحامل لرتبة عميد في الحرس الثوري هادي العامري ونائبه الإرهابي الدولي وحامل الجنسية الإيرانية أيضا جمال جعفر المعروف بأبي مهدي المهندس هي في الواقع مؤسسة إيرانية صرفة تأتمر بالأوامر الإيرانية ويقودها ويوجه عملياتها “فيلق القدس” الحرسي بقيادة “السردار” قاسم سليماني , ومن الطبيعي بعد خطوة الإنعام بالجنسية الإيرانية على العملاء الإقليميين فإن النشاط الإرهابي سيزداد خصوصا إن الإيرانيين يركزون اليوم على دعم المخربين في البحرين وشرقي السعودية والجنوب العربي في إدامة وتطوير زخم عملياتهم التبشيرية في المنطقة, تطويع القوانين الإيرانية لدعم الإرهاب الدولي هو أول نتائج فك الحصار الدولي عن السياسة الإيرانية, والنظام الإيراني يعول كثيرا على الميليشيات العراقية خصوصا في تطوير الأداء الهجومي على المجتمعات الخليجية من خلال إتخاذ العراق كقاعدة عمل وتدريب ميداني وساحة مباشرة من ساحات التجنيد والحشد والتعبئة, وكل زيادة في النفوذ الإيراني في العراق معناها الحرفي نقل التجربة العراقية لدول الخليج عبر إستغلال المناسبات الدينية لتمرير الأهداف السياسية والإرهابية.

في تجنيس الإرهابيين العرب والدوليين بالجنسية الإيرانية دعم مباشر وصميمي للإرهاب , فمثلا لايستطيع أي طرف إقليمي المطالبة بتعقب وإعتقال الإرهابي أبو مهدي المهندس المحكوم بالإعدام في الكويت لكونه يحمل الجنسية الإيرانية و المطالبة به تعني تحدي النظام الإيراني.

هنيئا لأهل الإرهاب الإيراني وهم يعيشون الانتعاش, ولكنه انتعاش موقت أشبه بالصحوة التي تسبق الموت… سينهار حلم الإرهاب السلطوي الإيراني على أيدي أحرار الشرق… ويكيدون كيدا و أكيد كيدا… سيتحول الإرهابيون المتجنسون لحمولة ثقيلة على النظام الإيراني.

المصدر: السياسة الكويتية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً