اراء و أفكـار

العراق وحال المسلمين؟

خلود عبدالله

شهر رمضان يأتي كل عام, هو يعود وكم منا رحلوا, وكثير من المسلمين في حال لا يرضي الله من الظلم والقهر والاستعباد والاستبداد, وكله بسبب صراع السلطة والمال, هذان الوجهان للعملة, واللذان يفترض أن يكونا نقاط قوة بيد المسلمين، تحولا لأداتين قبيحتين يغرسها أصحاب النفوذ والثراء, المسلمين أيضا وللأسف, في صدور عامة المسلمين ليستتب لهم الحكم, هذا جزء مبك من حال الشعوب المسلمة التي ولي عليها من لا يخاف الله ولا يحسن سوسها.
بغداد عاصمة الخلافة الإسلامية في قيح مستمر لم يهدأ لها جسد وينعم بالاستقرار والعافية وسقطت خلافة الدولة العباسية, وكلنا مرت عليه قصة تآمر بن العلقمي الشيعي التوجه ويقال: إنه يهودي الأصل مع التتار على الدولة العباسية ودخولها وقتل أهلها وخليفتها, وكان آخر الخلفاء العباسيين أبوأحمد عبدالله المستعصم بالله بن المستنصر، الذي رغم أنه متدين معروف عنه عفاف اللسان وحفظ كتاب الله، إلا أنه كان ضعيفا قليل البطش, كما جاء في السير، ويبدو أن للحكم خلطة خاصة تجمع بين صفات تفصل بين استحسانها واستهجانها شعرة, كالعنف والقوة, والحزم والتسلط, والتمسك بالرأي والاستبداد به.
أما السقوط الثاني لبغداد فبرأيي أنه بدأ بعد أن غزا حزب البعث الكويت وليس بسقوطها , ولم يردع لرشده بالانسحاب, بدأ انحدار وتدمير الدولة وبيد سلكتها العسكرية والحزبية.
الشعب العراقي بكل أطيافه مظلوم يعاني فقدان هيبة الدولة بسقوط العاصمة الثاني, وضنك معيشته اليومية لانهيار اقتصاده, وتفشي الطائفية والنزاع القومي مع الأكراد, ورعب الأقليات من غير المسلمين, وظهرت أمراض الحروب التي لا تقل عن أمراض الإنسان البدنية.
الجوع والارتحال والفقر والجهل والعدوانية والتفكير بالبقاء بمنظور أنا ومن بعدي الطوفان, كلها أمراض الحروب, المشاهد لمنظر اللاجئين كيف يتنازعون على المساعدات وكيف يصطف الشخص في دور توزيع الأرز والقمح وماء الشرب غير مرة, يفهم ما معنى أمراض الحروب, والعراق وسوريا واليمن وأراضين العرب باتت كلها مريضة بداء الحروب.
احتلت أميركا في 2003 العراق بادعاءات كثيرة وواهية وكلها كاذبة ونتج عنها دمار شامل للدولة والشعب ولا أسلحة دمار شامل وجدوا ولا هم خرجوا وتركوها بسلام بل سلموها للنظام العالمي الجديد الذي يريدونه بعد تحالفهم مع إيران: ليحكمها الشيعة بعد أن أسقطوا صدام السني.
النظام الدولي كل ما يهمه أن ندفع فواتير وجودنا في الحياة, نحن العرب والمسلمين, لأنه يرى أننا عالة وعبء وكل ما نملك من خيرات هم أولى به, أدبيات مثقفيهم وساستهم ومنظريهم تقول أكثر وأبشع.
فبعد أن بدأ الحكم الطائفي في العراق تكفل بتصفية خصومه بعد أن نجح الأميركان بدق أسافين الفتن والشقاق والفرقة بين أبناء الوطن الواحد.
وتجربة الحكم الحديث للعراق تبين أن في الدول التي تتساوى أو تتقارب الأعداد والنسب بين الطوائف لا مكان لدولة دينية, بل دولة مدنية تحفظ فيها حقوق الجميع, وإن كنت شخصيا مؤمنة أن وجود دولة إسلامية هي الحل بأن يحكم بما أنزل الله ولكن وجود حرب غير منتجة بل زاهقة للأرواح ومهلكة للنسل والحرث والحجز والمدر في سبيل حكم ظالم متجبر لا يعكس إرادة الله في الأرض, والدولة الإسلامية التي نتمناها لم يأذن الله بها بعد وجاءت بتشابه أسماء وصورة مقلدة صنعت في أحضان الاستخبارات الدولية ونتاج أجنة معاقون.
الشعب العراقي لم يهنأ منذ تولي حزب البعث وإلغاء الملكية, وكأن لعنة الدماء والفقد وأشباح الموت حلت على أرض الخلافة السليبة, قرون مرت منذ آخر خليفة عباسي وما زالت بغداد تنضح بالدماء لتفرش سجادا أحمر في الطريق إلى العرش, ولا ندري متى سيثبت لها حاكم يوقف النزيف ويستبدل البساط الأحمر بأبيض يبدأ به الشعب العراقي حياة حقيقية بأمن وأمان واستقرار ورفاه.
الاحتلال الحديث استبدل قبضته المباشرة بقبضاتنا ضد بعضنا بعضا, وجد أن دماءه أغلى من أن تسفك في أي نزاع كان, وأن مصالحه يمكن تحقيقها بنفس الدرجة عبر دماء أقل أهمية, دماؤنا, وهذا ما قاله أحد العسكريين في تجمع كبير للجيش «نعم, سنصنع السلاح, ولكن لن نحارب به, سنعطيهم إياه يحاربون بعضهم البعض, ونحن فقط سنكون على استعداد لأي طارئ».
أظنه يعني بالطارئ, أن نفيق ونفهم!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً