اراء و أفكـار

إقرار الموازنة

علي هاشم علوان
موازنة 2015 كانت الأسرع إقرارا في تاريخ التجربة الديمقراطية العراقية قياسا مع الأعوام الماضية وهي انجاز وطني لم يكن ليتحقق لولا التوافقات السياسية التي بدأنا نجني ثمارها على اكثر من صعيد والتي ساهمت بحل الأزمات السياسية ومعالجة الملفات العالقة بين القوى الممثلة لمكونات الشعب العراقي ومحافظاته المختلفة.
إقرار قانون الموازنة في هذا التوقيت وفي ظل التحديات الأمنية والاقتصادية التي يمر بها العراق والمنطقة يعد انتصارا لإرادة العراقيين ويعكس تحّمل ممثلي الشعب العراقي لمسؤولياتهم الوطنية والشرعية تجاه الشعب الذي طال انتظاره لإقرار قانون الموازنة من اجل المضي قدما في إكمال المشاريع العمرانية والتنمية الاقتصادية وتلبية متطلبات النهوض بواقع المواطن العراقي والاهم من كل ذلك تلبية متطلبات المعركة المصيرية مع الإرهاب الذي يهدد امن واستقرار العراق.
اكبر تحديات إقرار موازنة 2015 كان غياب موازنة 2014 وترحيلها من الدورة السابقة الى الدورة الحالية، الامر الذي ساهم في خسائر اقتصادية كبيرة تعرض لها الاقتصاد العراقي إضافة الى فقدان الثقة بالاقتصاد العراقي من قبل الشركات الاستثمارية العالمية. ومن جانب آخر كان هناك تحد آخر وهو انخفاض أسعار النفط العالمية، ما جعل اللجنة المالية تقوم بتخفيض سعر البرميل المعتمد في الموازنة من 60 دولارا الى 56 دولارا, علاوة على التحديات الأمنية التي يمر بها العراق. لقد جاء إقرار الموازنة 2015 بعد نجاح القوى السياسية في تجاوز النقاط الخلافية وبعد الوصول الى اتفاق يرضي جميع الأطراف ويلبي طموحات الجماهير التي خولت ممثليها للتباحث نيابة عنها مع تقديم بعض القوى لتنازلات كانت ضرورية من اجل ان تجد الموازنة طريقها الى الإقرار. ويتفق الجميع بأن قضية إقرار الموازنة العامة تعد من اهم القضايا التي تتعلق بحياة المواطنين وترتبط بمصالحهم لارتباطها بقوتهم وتطلعاتهم ودورها الرئيسي في بناء الدولة وإسناد القوات الأمنية لاسيما وان العراق يخوض حرب شرسة مع تنظيمات إرهابية عالمية، كما تزداد أهمية إقرار الموازنة مع حاجة الدولة العراقية للأموال لإغاثة النازحين جراء العمليات الإرهابية التي قام بها تنظيم “داعش” والتنظيمات الارهابية التي معه، فالعراق اليوم أمام اكبر موجة نزوح في تاريخه الحديث، الأمر الذي يجعل الحكومة والبرلمان أمام حقيقة مهمة وهي ان النجاح في إقرار الموازنة أصبح واجبا وطنيا يتحمله الجميع لإدامة النصر ودعم المتضررين من الأعمال الإرهابية.
ختاما نقول ان تشكيل حكومة الوحدة الوطنية الحقيقية والتوافق السياسي والنضج الديمقراطي للسياسيين العراقيين ساهم في إقرار الموازنة, وان هذه التجربة لابد ان تكون نموذجا لحل المشاكل والملفات السياسية العالقة في المستقبل والتي وردت في وثيقة التوافق السياسي التي يجب ان ينظر من خلالها الى مصلحة العراق العليا بعيدا عن مصلحة الحزب أو الطائفة او القومية.
طباعة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً