اراء و أفكـار

الإعلام للحرب

حاتم حسن*

كيف يُمكن محاربة الفساد وتطهير البلد من الفاسدين، قبل تهيئة وإعداد خطط وبرامج وأدوات الحرب والتطهير؟؟؟
يبدأ فساد وعفن الفاكهة من قلبها… وقلب المجتمع والدولة مثقفوها.. ويكون الإعلام في قلب القلب إذا تعلق الأمر بالسياسة وبالشأن الإداري العام… وبما يعني أصل وجذر هذا الفساد قائم في بنية الثقافة وفي حال الإعلام خصوصا…. و كان المتوقع لبدء الثورة على الفساد أن تنطلق من الإعلام وبالإعلام… وهذا لم يحدث لحد الآن…
قد لا يدري السيد العبادي أن في العراق إعلاما يسيء ويشوه الديمقراطية… ويشيع وينشر كل الجراثيم والفيروسات وعوامل الفساد… وسنتعرض لدهاليزه ووساخاته المعلنة ودوره في الأعاصير النووية في الفضائيات وصيغته الورقية.. ولكن في وقت آخر…
كان المأمول أن يكون الإعلام بداية مشروع الحرب على الفساد، والاعتماد عليه كفيلق امني وعقول تحترف رؤية وشم الخطأ… وضمائر عمدتها الثقافة ومنحتها الموضوعية… وتجربة العالم الديمقراطية تقرن صواب وحيوية وفعالية الدولة بعافية إعلامها ومهنيته وارتقائه إلى عنوانه ومنصبه: سلطة رابعة.. وليس طفيليات واشنات وجراثيم تعيش على غيرها.. فكما صار (…) برتب ومناصب، فقد صاروا بمواقع ومناصب وأسماء في الإعلام…
لأجل كسب ثقة الإعلاميين والمواطنين بحملة مكافحة الفساد، وللاعتقاد أن الحملة ممنهجة ومدروسة وعلمية، ينبغي أن تكون لها لغتها وصوتها الشجاع والمخلص والوطني المترفع عن أي اعتبار آخر.. وإلا تبدد عزم وزخم الحملة بالهتافات والدعايات والهرج، وبما يمنح الفساد والفاسدين حصانة اكبر وإصرارا أقوى وأمانا أوسع.. وهذا يعني رعب وهول الختام… لا ضير من التذكير بان هزائمنا وانكساراتنا وتشوهات واقعنا كانت إعلامية أولا.. والإعلام هو الذي يرسخ الأوهام والأكاذيب ويسبغ على الخرافات والجهالات وضروب النزوات والأحقاد مشروعيتها ومعقوليتها… لا سيما في مثل مجتمعاتنا التي فاجأت نفسها بفداحة أميتها وتخلفها… لا فساد بلا تخلف وجهل وأمية وانغلاق أفق وبؤس حقيقة عامة.. ولان كارثة العراق قياسية وتجاوزت كل الأرقام فالأكيد أن المتداول بين الفاسدين ضروب من الترهات والجهالات والانحيازات والتبريرات ومختلف التداولات العامة الهابطة.. عادة ما يلقي القائد، قبل الحرب نظرة متفحصة على قواته وعناصر تحقيق الانتصار، ويجهد نفسه عما قد أغفله وفاته ولم يحسب حسابه.. وأمام الحكومة أن تتصرف تصرف المحارب وألا تغفل فيلق الإعلام.. وهي فرصة أيضا لتقف على وضعه الفاجع والمخزي لتصحيحه وإعادته للخدمة الايجابية بدل أن يكون واحدا من مواخير الفساد ومعينا ومساعدا للمفسدين.. وأنها المرة الأولى التي تزكم فيه رائحة الفساد أنوف المواطنين وتدوي الآفاق بفضائحه ليكون الإعلام ثانيا ولاحقا وصدى باهتا.. وقد لا يوجد إعلام وإعلاميين… فقد تقدم عليهم الأميون والمرتزقة ومن اختاروا جيوبهم وأرصدتهم أوطانا لهم… وكان الكثير من الإعلام صوتا للممول وللحزب وللمنتفع… وبما يرتب على السيد العبادي أن يؤسس ويقيم كل السلطات مجددا وأولها الإعلام..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً