اراء و أفكـار

ضرورة تخطي التعيينات الامنية للمحاصصة

ماجد زيدان*

بدأت الحكومة سلسلة التغييرات في وزارة الداخلية باعفاء عدنان الاسدي الوكيل الاقدم الذي كان فعلاً وزيراً للداخلية في الممارسة العملية، وعلى الرغم من اهمية التغييرات والاستبدال في المناصب والتعيينات الجديدة وضرورة ان تكون مستمرة وعملية مقننة الا ان هذه التغييرات في الاشخاص غير كافية، وهي قائمة على ذات المبدأ الذي كان قائماً وانتقدت عليه العملية السياسية والحكومة، مبدأ المحاصصة.

فما ان اعلن اعفاء الوكيل الاقدم حتى انحصر الترشيح للمنصب في حزب الدعوة الاسلامية الذي ينتمي اليه، مما يقلل من اهمية الخطوة ويفقدها بعض حديتها وضرورتها للاصلاح.

الناس يرغبون ان يكون تولي المناصب على اساس المواطنة والكفاءة والمقدرة وليس على الحصص او على الاقل ان تخطو خطوة جادة وحقيقية لمغادرة مسببات الازمة بان يبقى المنصب حصة الائتلاف الذي ينتمي اليه االمقصى منه، اي ان يتم البحث بين كوادر وبالاستناد الى ترشيحات التحالف الوطني ككل

ربما عملية مغادرة المحاصصة قد تكون عسيرة وصعبة ولا تزال بعض القوى النافذة متشبثة بها، وقد تكرست ولكن يمكن الخروج منها تدريجياً مادامت كل القوى تزعم وتنتقد التعيينات على وفق هذا المبدأ، وتؤكد انه سبب الازمات والحاجة انتفت اليه.

في التغييرات المنشودة يهدف الاصلاح والاوضاع الامنية الراهنة المتدهورة وانحسار التقدم على مختلف الصعد تشكل فرصة لكسر جدران ما عزلت العملية السياسية نفسها به واستبعدت الكفاءات ليس من عموم شعبنا وانما من داخل الكيان السياسي اذا كانت هذه الكفاءة في اطار او ضمن التكتل النافذ والاقوى.

ناهيك عن المستقلين الذين لاحول ولا قوة ولا مكان لهم بين هذه التجمعات القائمة على ولاءات ثانوية لا يمكن اصطفائها بموجبها.

ان هذه المناصب وفقاً للدستور هي حيادية وليست لجهة سياسية معينة مهما كانت مقاعدها ومناصبها، فهي للخدمة العامة من دون تمييز، والدستور يمنع تعاطي الذين يتصدون للمناصب الامنية ويكونون في موقع المسؤولية من الانتماء الحزبي والعمل لجهة سياسية محددة والميل لها على حساب الاخرين، يفترض بها ان تقف على مسافة واحدة من الجميع، ولا تحشد لهذا الحزب او ذاك، غير ان واقع الحال لا يشير الى ذلك، في القول الكل يتفق على ما ورد في الدستور ولكن في الممارسة العملية وما نشهده اليوم من صراع على هذه المناصب حتى لا يتيح لرئيس الوزراء المفاضلة بين الخيارات المطروحة امامه.

ان في هذه المناصب امتيازات كثيرة ليست شخصية فقط وانما عامة بما في ذلك تحشيد المنتسبين بمئات الالاف في وجهات معنية مثلما لاحظنا في الانتخابات السابقة، واستغلال الامكانات الهائلة للوظائف التي يتقلدها من يكلف بالمهمة.

الطريق الافضل الذي يحد ولو جزئياً من هذا الذي نؤشر اليه وغيره يكمن في تطبيق القانون وتشديده ومنع المنتسبين للاجهزة الامنية من الادلاء باصواتهم في الانتخابات مثلما يعمل به في بلدان اخرى.، في الجوهر لا تكون له مصلحة مع جهة وانما مع الدولة وهيئاتها.

ان الاوضاع الامنية الراهنة تتطلب اقصى درجات العناية في اختيار الاشخاص من المؤهلين لتولي هذه المسؤوليات والا سيبقى الحال على ما هو عليه من ترد وشرور وتفاقم للمشاكل التي يلمسها القاضي قبل الداني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً