ثقافة وفن

على مسرح برج بابل فرقة “حلم” تعزف للمحبة في يوم السلام العالمي

برج بابل

بمناسبة يوم السلام العالمي وانطلاقاً من نشر ثقافة المحبة والألفة في بلد غزته التيارات الطائفية واستباحت العناصر الإرهابية دماء شعبه، ضيفت مؤسسة “برج بابل” بالتعاون مع النقابة الوطنية للصحفيين ومعهد صحافة الحرب والسلام فرفة “حلم” لموسيقى الغناء الصوفي في أمسية تخللتها مقطوعات عبرت عن مشاعر إنسانية نشرت بين الجمهور عطر الأمل في حياة جديدة، اضافة الى عرض مسرحي وكلمات عرفت بهذا اللون من الفنون.. وأوضحت (ذكرى سرسم) نائب مؤسسة برج بابل ان الصوفية مبدأ يدعو الى المحبة والسلام في محاولة لإيصال رسالة ضد موجة العنف التي استباحت القيم الإنسانية وجعلت العالم ينظر للإسلام نظرة سيئة.
وأضافت التشكيلية ندى طالب : ان هذا النوع من الفنون الهادئة غير مطروق محلياً، بينما نجده منتشراً ومرغوباً في الكثير من دول العالم. موضحة انه أداء روحي يسمو كالسلام.
فيما قال (فهر عبد الرحمن) عازف ضمن الفرقة: التصوف فن قديم تتجسد فيه معاني الخلق والروحانية للتواصل مع الإله.. وكثيراً ما يتم عزف موسيقاه في المناسبات الدينية، وتكون مصاحبة للأناشيد والأذكار.
وأشارت القاصة الدكتورة إرادة الجبوري الى ان الاحتفال بالمناسبة يعد صرخة بوجه القبح والعبثية والعنف. وقالت: البلد يستحق السلام كغيره من بلدان العالم، ولتكن انغام الموسيقى معادلة لأصوات الانفجارات والموت والاضطهاد، فليس أمامنا سوى استحضار السلام.
كما قدم الباحث الدكتور علي النشمي لمحات عن تاريخ هذا الفن، مبينا ان الحضارات لم تقم في زمن الحروب والصراعات، وانما جميعها أنشئت في ظل السلام الذي هو ديدن الانسان المسالم في طبعه. وقال: وفي ارض الحضارات والإبداع نعيش أزمة كبيرة من العنف والتطرف والصراعات والحروب. وفي هذا اليوم العالمي للسلام ، فإن اكثر تعبير عن السلام هو في الموسيقى، ذلك الإبداع الروحي والإنساني الذي يعبر من خلاله الانسان عن خلجاته، وبالتالي فهي خير رسول للسلام . وأوضح: ان الصوفية هي حركة فكرية ظهرت في بغداد منذ القرن الثاني الهجري، كرد فعل للتطرف الأخلاقي الذي حصل في بغداد، والتي قال فيها احد الشعراء: اتسعت فيها الجنة حتى لم تبق مكاناً للنار.. واتسعت فيها النار حتى لم تبق مكاناً للجنة. مشيراً الى اجتماع التناقضات في شوارعها وأزقتها كأماكن العبادة المقدسة والأخرى المدنسة، وما بين مدارس العلم الفكر وما يناقضها. وقال: وبالتالي بغداد التناقضات أوجدت نمطاً فكرياً ظهر على يد سمير الصفدي وعبد القادر الجيلاني وابن عربي وغيرهم.
ومن جانبه أشار الباحث الشيخ غيث التميمي الى ان الدين مادة سائلة تتفاعل مع الوعاء الحاضن لها. وقال: بما ان شبه الجزيرة العربية هي الوعاء الأول للإسلام، لم تكن هناك ايقاعية موسيقية، وانما كانت ايقاعية تفعيلية من الشعر اكثر من جانب النغم. مشيراً الى تحول بسيط تمثل في هجرة النبي الأكرم من مكة الى المدينة التي كانت اقرب منها الى التمدن ، لذلك استقبل بإيقاع غنائي “طلع البدر علينا”. وقال: الرسول لم يعترض ولم ينظر في الموضوع. مبيناً وجود شكل آخر للايقاع محرم.. مشيراً الى ان التصوف اعمق زمناً من الإسلام وهو الذي احتضن الاسلام وفسره حتى صارت له مدارس جمالية ايقاعية فيها جانب لحني ونغمي تؤطر مفاهيم روحية ودينية اسلامية. واوضح: ان الدين هو مفردة من مفردات البشر، ايقاعي الطبع في الحب والعنف والسلام ولكل منهم ايقاعه الخاص به. وقال: اعتقد اننا أمام مجموعة من الشباب العراقي الحالم بمواجهة هذا الكم الهائل من الأحزمة الناسفة والسيارات المفخخة والعدد المرعب من الجماعات المنتمية الى التنظيمات الايدولوجية والذين يحملون فكراً اقصائياً شوفينياً. مبيناً ان شباب فرقة الحلم يتسمون بالأمل والجرأة والشجاعة وهم يقدمون لنا تجربة للضد النوعي في مواجهة الارهاب، فالعنف لا يتم القضاء عليه بالعنف والتعصب. وانما نواجه ذلك بشجاعة الحب والسلام والتسامح. وقال: من أعضاء الفرقة (فهد عبد الرحمن) ، شاب عراقي بغدادي حمل هم النغم والعود وتتلمذ على يدي نفسه وكانت له جرأة الإقدام الى الأمام. و(منتظر سادة) يبني لنفسه حلماً جميلاً وأملاً كبيراً عبر مجموعة من الآلات التي يعزف من خلالها. و(حسن قحطان) هو ذلك الايقاع الذي ينظم لإخوته واصدقائه أوتارهم، و(مصطفى فالح) هو ذلك الصوت الذي يمتد الى أفق سومري غائب في العمق والتاريخ، هؤلاء الأربعة اضافة الى زميلهم (مدين) الذي خلق ايقاعاً متميزاً عن كل الصوفيين، قدموا لنا تجربة عراقية رائدة تأثرت شخصياً بها، وتأثر بها المركز العراقي لإدارة التنوع ومعهد صحافة الحرب والسلام، كما تأثر بها هذا الحضن الدافئ الذي يجمعنا اليوم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً